الأحد 26-01-2025
الوكيل الاخباري
 

صقر يطير في سماء الحي..!



لو كنت احب مصلحتي فقط؛ فأنا من أشد المطالبين بالحظر الشامل كل الاوقات، حيث الهدوء المثالي الذي يجعلني أشعر بأنني في تلك القرية الوادعة، ولا بدّ أنه هو نفس شعور الكثيرين من الاردنيين سكان المدن وحول العالم أيضا، فهم لمسوا هذا الهدوء كلما اعلنت دولهم حظر التجول الشامل، ويكفي أن البيئة أصبحت أكثر نقاء ونظافة، فلا ضوضاء ولا دخان عوادم، وقد تم نشر صور لكوكب الارض وقد ازدادت زرقته، وقيل بأن ثقب الأوزون أصبح أقل اتساعا.اضافة اعلان


لكن ما هكذا تورد الإبل.. فالحظر قرار مرّ على الدولة، ولا يمكننا الآن ان نحصي خسائرها بسبب الحظر، وكم من الحيوات الاقتصادية والانتاجية والخدمية والتعليمية قد تعطلت، وتلقت خسائر فادحة.. فالحظر بهذا المعنى هو الموت الفعلي للحياة العامة، وليس بالقرار السهل على الحكومة أن تلجأ إلى الحظر الشامل، وخلال حديث رئيس الوزراء الأسبوعي، سمعناه يؤكد بأن لا عودة للاغلاق والحظر، ولا يمكننا اللجوء إليه وعلينا التكيف مع هذه الجائحة لأننا لا نعرف إلى أي مدى ستطول.

الآن يتناقل الناس قرارا بحظر شامل يوم الجمعة على المدينتين الكبيرتين (عمان والزرقاء)، وهو مكرر للجمعة الثانية على التوالي، وقد لاحظنا كم (تخربطت) الحركة في شوارع المدينتين قبيل الحظر الجمعة الماضي، وكيف اختلفت واضطربت واشتد صخبها خارج المدينتين خلال وقت الحظر، حيث خرج عشرات وربما مئات الآلاف من سكان عمان والزرقاء إلى الأطراف والمدن الاخرى، وهذا بحد ذاته تحدٍ صحي خطير، يعزز احتمالات نقل الفيروس الى مدن لم يكن موجودا فيها، أما على صعيد الحركة التجارية في المدينتين الحيويتين، فهناك قطاعات تتأثر بقوة كقطاع المطاعم مثلا، التي كانت من أكثر الجهات تضررا أيام الاغلاقات الطويلة.

كل الحظر الليلي قاتل للحركة الحيوية التجارية في المدن الكبرى وغيرها، وحين نعلم أن النسبة الساحقة من الناس يلجأون لبيوتهم قبل زوال الشمس، وتتناقص أعدادهم من الشوارع والمرافق العامة حتى تقترب من صفر في كثير من المدن، فيغدو منطق التباعد وقلة الاختلاط والاحتكاك غير مقنع، فكل الناس تقريبا في بيوتهم وعدد الذين يتسوقون أو يسيرون في الشوارع قليل جدا ولا يستوجب منع حركة، فكيف نفهم الح
ظر الجزئي الليلي خصوصا وأن كثير من المحال التجارية لا يزورها زبائنها إلا ساعات المساء حتى الساعة ?? ليلا.
نسيت أن أحدثكم بأنني أستمتع جدا بحظر الجمعة، تماما كما يرتاح جهاز كمبيوتر ونظام تشغيل حين تجري عليه عملية (Reset).
وسوف أخبركم بخبر عن طير نبيل حملني بالفعل صباح هذا اليوم وأعادني الى تلك الطبيعة والحياة السعيدة التي عشتها في الطفولة، إنه صقر حقيقي، سكن الحي الملاصق لبقعة كبيرة من الأشجار المحمية المعمّرة، ولا بد أن الحظر الشامل هو سبب قدومه للحي، وقد كنت اعتقد بأنه طائر بوم حين سمعت صوته قبل اليوم ساعة الصبح، لكنني شاهدته اليوم، حين كان فوق بيتنا (يقغقغ) بصوت مرتفع، فإذا به صقر (الشاهين) الذي كنا نراه في طفولتنا وهو يذود عن قمّته ..
بصراحة اتمنى لو يمتد الحظر فنحن ربما نشاهد في الشوارع نمورا وأسودا وقرودا، لكن هيهات.